رأي حول تداعيات جريمة بوخالف بطنجة: هل ستتجاوز عنصرية المغاربة العنف اللفظي يوما ما ؟
هل ستتجاوز عنصرية المغاربة العنف اللفظي؟
لا أحد يستطيع ان ينكر ان ما جرى في طنجة جريمة كيف ما كانت
ظروفها واسبابها ، جريمة قد تحدث في أي مكان غير طنجة، و قد تحدث بين مغاربة فيما
بينهم او مع أجانب. شخصيا وحسب ما قرأت حول الموضوع، ارى ان التحريات ونتائج البحث
هي الوحيدة التي ستثبت ان ما جرى فعل إجرامي ناتج عن شجار عادي او بدافع عنصري.
وفي كلتا الحالتين على الجهات المعنية ان تطبق القانون ولا شيء غيره.
ما جرى في طنجة وما يجري في كل المدن المغربية
للأسف لا يبشر بالخير، انعدام الامن والامان أصبحا يشكلان هم المواطنين
والمواطنات، هاجس الخوف والهلع يتربص بالجميع. صراحة ما شدني في الموضوع هو اثارة"
مشكل العنصرية" حيث برزت وجهات نظر مختلفة، فهناك من
اعتبر سكان طنجة او بالأحرى "طنجاوة " أكثر المغاربة تسامحا، وهناك من
اعتبرهم الأكثر عنصرية،
صحيح ان المغاربة عموما يتميزون بشيم الكرم والتسامح والتضامن واللين والطيبة
وهو المشترك الذي يميز كل المغاربة بدون استثناء، هي اذن صفات عريقة عراقة الحضارة
المتنوعة التي عرفها المغرب وسكان المغرب على كافة المستويات ناهيك عن موقعه الجغرافي
الذي جعله ينهل من خصوصيات متعددة تقاسمها واشترك فيها مع ساكنة البحر المتوسط
الممتد. صحيح ايضا ان المغاربة يختلفون عن غيرهم، فهم ليسوا نرجسيين، لا يكثرون من
التمجيد في حق انفسهم وحق وطنهم.
لكن لا احد ينكر ايضا ان العنصرية كامنة بدواخلنا نحن المغاربة ، لحسن الحظ ظلت عنصرية كامنة، هذا الكمون يعود لكون المغاربة ظلوا يصرفون ويمررون عنصريتهم اما على شكل فكاهة ونكت
ساخرة تجاه الشلح/ الامازيغي والعروبي واليهودي والأسود، ناعتين إياهم بالبداوة
والسداجة (الكلاخ) والبخل او الجبن، وهنا تحضرني نكتة " اخبر زوج فاسي
زوجته بان ابنهما نودي عليه للتجنيد، فاجابته الزوجة متسائلة " واش تقاضاوا
الشلوح حتى ياخذو وليدي عبد الرزاق" بمعنى الم يعد هناك امازيغيا. او عن
طريق السب والشتيمة المتداولة اثناء الخصومات والشجار من قبيل الشلح القروفي،
الزقرام، اليهودي البخيل، العروبي المكلخ، العزي الحرطاني او ساليغان... وما شابه ذلك من النعوت والألقاب، لن انسى ما حييت مدى الصدمة التي انتابتني وانا الطفلة الامازيغية
القادمة من قرية صغيرة بنواحي تازة لاجتياز العطلة الصيفية بمدينة فاس، حينما سمعت
" الكار/ الحافلة ديال الشلوح والكار ديال العروبية" في إشارة الى
الحافلة القادمة من تازة وتاونات....او عن طريق الامثال الشعبية كموروث
ثقافي يكرس الدونية ، فمن منا لا يعرف المثل القائل " دير الشلح موراك ما
ديروا قدامك" في اشارة لإلصاق صفة الغدر بالأمازيغي، واليهودي حاشاك " ولأنني
امازيغية الاب وعربية الام ، فقد علقت
بذاكرتي صورا نمطية عن العرب والامازيغ كليهما ، ففي المحيط العائلي للام يلقب
الأبناء بأولاد الشلح " وعكس ذلك في الوسط العائلي للاب يلقبون بأبناء
تاعرابت ".
في نفس السياق، ظل سكان المدن العريقة فاس طنجة مراكش تازة وغيرها ينظرون الى الوافدين على مدنهم بالبدو
المشوشين و المؤثرين على نظام المدينة وقوانينها، في هذا الشأن استشهد بواقعتين الأولى
حدثت لي بطنجة موضوع النقاش، وهي من المدن التي اعشقها كثيرا، وانا مستقلة طاكسي
صغير تبادلت اطراف الحديث مع السائق حول ظاهرة معينة أصبحت تعاني منها المدينة ،
فلم يدهشني موقفه حين صرح غير مبال بمشاعري بان طنجاوة الأصليين -على حد تعبيره - غادروا طنجة و تركوها للروافة( اهل الريف) وجبالة،...الثانية بالرباط حيث عبر احد
السائقين أيضا وبعنصرية مقيتة وتمييز واضح مؤكدا بان الرباط لم تعد كما كانت بعد
ان توافد عليها كل من هب ودب من " البدو والعروبية " وهي نفس المقولة
التي تكرر في كل من فاس وتازة ومراكش وغيرها.
الى عهد قريب، يحكى وبشكل ساخر عن اهل الرباط
انهم كانوا يرفضون تزويج بناتهم "للعروبية والشلوح" ويفضلون زواج الأقارب
على الاغراب مما سبب في ارتفاع العنوسة والاعاقة في صفوف الرباطيين.
أعتقد ان هذا النوع من العنصرية المجسد في
العنف اللفظي بدأ يتلاشى نسبيا بسبب مجموعة من العوامل، من بينها انفتاح الأجيال
الحالية و تعليم المرأة وتنامي الوعي الحقوقي والاختلاط الذي عرفته الاسرة
المغربية على مستوى المصاهرة.
غير ان هذه المؤشرات لا تعني اننا بمنأى عن
النعرة العنصرية التي قد تطفو على السطح بفعل عوامل متعددة في ظل التحول الذي بدأ يعرفه المجتمع
المغربي مع تنامي هجرة الافارقة و ظاهرة اللاجئين وقد تتمظهر العنصرية في اشكال
متعددة الا انها لن تكون مشابهة للعنصرية التي عرفتها أوروبا لان هذه الأخيرة كانت
فعلا وممارسة سياسية، فلا مجال للمقارنة مع وجود الفارق.
فاطمة ياسين
2شتنبر2014
تعليقات
إرسال تعليق
merci pour votre réactivité